أزمة رجوله

ت مع نفسي ذات مرة وسألتها :
كيف أصبح عنتر بن شداد هو عنتر الرجل الشجاع ؟؟
وكيف أصبح حاتم الطائي أكرم العرب ؟؟
وكيف أصبح قيس بن الملوح اصدق العاشقين في زمانه ؟؟
كيف أصبح الرجال الأوائل ممتلئين بالرجولة في كل ميدان نجد لأحدهم بصمة
وأين ذهب الرجولة في هذا الزمن ؟؟

في الحقيقة لا اعتقد أن يكون في هذا الزمن رجلاً شجاع فلو أن شجاع مثل عنتر عاش بزمننا هذا لكان له في كل محكمة على وجه الأرض ملف ضخم ولكان اسمه في كل (( البلاكات لست )) في كل أجهزة المخابرات الدولية ولأصبح اسمه في كل المنافذ الحدودية .

والكرم لم يُعد يُميز الرجل العربي كحاتم ذائع الصيت فلو أن حاتم رأى بأم عينه مائدة من موائد ربعنا اليوم لعرف انه ولا شي فما بالك لو دخل قصر أفراح أو دخل إلى بوفيه مفتوح في احد الفنادق ماذا سيقول لنفسه ولحصانه المذبوح وهو يرى طفل صغير من أولاد الذوات - اللي الرجولة ابعد عنهم من الشمس - وهو يقيم مأدبة عشاء في احد الصالات بمناسبة عيد ميلاده .
ماذا سيقول عشيق ليلى قيس بن الملوح عندما يرى العفاف يُنحر على أعتاب الشبق والنزوات الجنسية العارمة التي تجتاح الشباب باسم الحب الذي ميزه وجعل منه أسطورة الحب العفيف ماذا سيقول وهو يرى بنطلون طيحني وسامحني والأساور والقلائد والتقليعات في الشعر والأرقام التي تملا الجيوب وطرد النساء في الأسواق والسيارات الفارهة وصوت الموسيقى ينبعث منها لجذب الفتيات وعمليات التجميل والتمايع في المشي والكلام ومضغ اللبان وقيس يعلم انه بدوي للشمس في جسده علامات ومع ذلك يعشق بعفاف .

أين ذهبت الأمانة و الشهامة ... أين ذهبت العقول الراشدة ... أين اختفت الحكمة ... أين ذهب دهاء الرجال ... أين ذهب حفظ السر ... أين غاب الصدق ... أين وئد الطموح ... أين الرجال الذين يرتفعون بأخلاقهم عن طبع اللئام ... أين الدين من الرجال ... كيف ماتت الرجولة وأصبح الكثير الكثير ينتسبون لهذا المعنى الجميل بالاسم فقط لا بالفعل في زمن وحد فيه الزي الوطني المسخ من الرجال مع غيره تحت مسمى رجل ؟؟

وفي اعتقادي أن اقل مراتب الرجولة في هذا الزمن أن يسلم الناس من يدك ولسانك ... ولكن حتى هذه توحي لنا بأننا في أزمة رجولة وأن علينا أن نشيع الرجولة إلى مثواها الأخير فقد حصدها الأولون ولم يبقوا لنا إلا الفتات .

تحياتي ,,